المصدر: Wamda
تاريخ النشر: 18-7-2012
استوحى شقيقان في القاهرة من وسيلة قديمة للري لتحقيق أمان غذائي واكتفاء ذاتي للشرائح ذات الدخل المنخفض. ففي العام الماضي، أطلق شريف وطارق حسني “شادوف” وهي مؤسسة تعنى بالزراعة على الأسطح مصممة لتمكين ذوي الدخل المنخفض ودعمهم. والشادوف وسيلة قديمة للري لا يزال يستخدمها المزارعون في العديد من الدول حتى اليوم، وهي آلة ترفع المياه إلى مجاري الري الزراعي. ومؤسسة “شادوف” تعمل على الترويج للزراعات المائية التي لا تحتاج إلى التراب على أسطح المنازل في المناطق الحضرية في القاهرة.
وتعمل المؤسسة مع المصريين من ذوي الدخل المنخفض الذين يعيشون في المعادي في القاهرة وقد طوّرت سمعة جيدة لكونها تعزز الصالح الاجتماعي عبر ابتكار بسيط وهو ما أفسح لها مكاناً بين المتأهلين الأربعة عشر إلى نهائيات مسابقة أفضل خطة عمل عربية من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا العام الماضي.
من القاهرة إلى لويزيانا ثم إلى القاهرة
تطوّع شريف وطارق حسني في نيو أورليانز بعد إعصار كاترينا عام 2010 حيث شاهدا الزراعة المائية التي لا تحتاج إلى التراب. تعتمد هذه التقنية حل المغذيات المعدنية في المياه لتنمية النباتات في حاويات من دون تراب. ويشرح طارق أنه “كان من المدهش أن تتمكن من زراعة المحاصيل وتربية السمك في البيئة نفسها.. وبمجرد رؤيتنا ذلك لم نتمكّن من تجاهله”.
وطوّر طارق وشريف اللذان يحملان شهادات في الهندسة ، معاً مؤسسة “شادوف” لتمكين المصريين من استخدام مساحات غير مستعملة لتحسين ظروفهم المعيشية. ولكن رغم أنهما ليسا مزارعين بالتدريب، إلاّ أن خلفيتيهما في مجال الأعمال والهندسة مكنتهما من تطوير الرؤية التي تقوم عليها “شادوف” ونموذج الأعمال الذي اعتمدته كما يقول شريف.
وتستخدم “شادوف” أساليب مثبتة لتبسيط الزراعة على الأسطح لإحداث أكبر تأثير ممكن على الشرائح الفقيرة. ولاحظ شريف لدى تعديل التكنولوجيا لتتكيّف مع الواقع المصري، أن العقبة الأكبر هي تغيير عقلية هذه الشرائح، مشيراً إلى أن “فكرة أن بإمكانك الزراعة الأسطح هي فكرة غريبة عن الثقافة المحلية لذلك كان هذا نوعاً من التحدي. ولكن بعد أن أصبح لدينا أمثلة، صار الأمر برمته أسهل”.
النجاح يمكن في البساطة
لدى “شادوف” نموذج عمل بسيط، حيث بدأت تبيع منشآت الأسطح للأسر ذات الدخل المنخفض عبر قروض سهلة الدفع والتعاقد لبناء مزارع أسطح صغيرة مع مصنّع يركّب المنشآت في أقل من يوم واحد. ويذهب جزء من مبيعات المحصول الشهري لتسديد القرض الذي يمكن للمزارعين دفعه خلال عام واحد. وكي تتأكد من أن المحاصيل تلبّي الطلب الموجود، تراقب “شادوف” بعناية الأسواق المحلية في كل موسم وتنصح بالبذور الأنسب لأجود المحاصيل وأكثرها مردوداً. وتبقي العائلات تقريباً 10% من المحاصيل للاستعمال الشخصي وتبيع “شادوف” الباقي إلى الأسواق المحلية وتعطي الأرباح للمزارعين.
ويقول طارق إن الهبات ليست كافية بشكل عام لتعزيز التنمية الاقتصادية، “فأنت تحتاج إلى جعل الناس يرغبون في الحصول على المنتج”. ويوضح أنه من خلال تحفيز الزراعة عبر القروض، ستكون “شادوف” قادرة على زيادة فعالية الزراعة على الأسطح بعيداً عن جهود الحكومة والمنظمات غير الحكومية التي تقوم على الهبات. فحين يكون للمزارعين مصلحة في نجاح مزارعهم، فإن هذا سيكون الدافع لهم للعمل على تحقيق عائدات لأنفسهم وعائلاتهم ولـ”شادوف” التي تمنح الزبائن شعوراً بالاستقلالية والكرامة وتحقيق إنجاز شخصي على عكس برامج الدعم التقليدية التي عادة ما تترك لدى الزبائن شعوراً بالاتكالية وعدم الاندفاع.
وقد جرّبت مؤسسة “شادوف” تقنيات أخرى للزراعة على الأسطح ولكنها وجدت أن التدابير البسيطة تعطي أفضل النتائج. وقد سمح التركيز على البساطة للمؤسسة في تجاوز بعض المسائل المتعلقة بالثقة التي تحصل عادة بين المؤسسات الجديدة والزبائن ذوي الدخل المنخفض.
مسألة الثقة
عند إطلاق أي مشروع جديد، من الضروري جداً الفوز بثقة الشريحة المستهدفة وتحديد الجهات الأكثر رغبة في المخاطرة بالانضمام إليك. والشقيقان حسني وهما أصلاً من المعادي، واجها في البداية تحديات جديدة. فكثر في الشرائح الفقيرة بالقاهرة رفضوا الحصول على قروض بسبب حالة عدم الاستقرار المالي المستمرة. غير أن طارق يوضح أن الذين يعيشون كل يوم بيومه يميلون أكثر لإدراك فائدة الزراعة على الأسطح وهم أكثر استعداداً للمخاطرة ببدء زراعة كهذه، مقارنة بالذين يحملون شهادات جامعية والذين يسعون عادة وراء طرق أكثر أماناً أو تقليدية أكثر للحصول على المداخيل.
ولا تقدم المؤسسة للزبائن الذين يوافقون على الانضمام إليها القليل من الأرباح، بل الفرصة لتحقيق مدخول دائم وتساهم في خلق مجتمعات مندفعة ومستقبل أكثر إشراقاً وخضرة للقاهرة.
وفي الخلاصة، لا بد من القول إن “شادوف” بابتكار بسيط، أنعشت أسلوباً قديماً قد يساعد في قيامة الاقتصاد المصري من جديد.